"أنا فتاة أبلغ من العمر 30 عاما وغير متزوجة، كثير من الأحيان أشعر بأن رغبتي الجنسية مرتفعة بشدة، فألجأ لممارسة العادة السرية، وبعدها أشعر بتأنيب شديد بضميري.. أرجوك انصحيني بدواء يقلل شهوتي، فأنا لا أعلم كيف سينتهي بي الحال ولا أعلم متى سأتزوج؟!!".
صديقتي العزيزة في البداية يجب أن نعرف كيف نشعر بالرغبة الجنسية وهو كالتالي؛ فهناك ما يسمى بالتغذية الانعكاسية، أي أن المشاعر بالجهاز العصبي تنتظر الإشارة من الانفعالات؛ فإذا كانت الإشارة موجبة؛ فذلك معناه أن الانفعالات تتجه بشدة لكل ما يغذي المشاعر "من هذا النوع" أي الرغبة الجنسية في حالتنا هذه، ولذلك فإن الإشارات أصبحت إيجابية؛ فذهبت إلى الجهاز العصبي على حالتها تلك؛ فنشدت زيادة وزيادة في الرغبة الجنسية وما يلزمها من هرمونات وإنزيمات، فامتلأت هذه الدورة الدموية بالمكونات التي تؤجج الرغبة، فأصبحت ملحّة على ذهنك وتمكّنت من الفرد.
إذن فالمسألة دائماً ما تبدأ بتصرف الشخص نفسه، إذا كان متجهاً نحو إشعال رغبته، وإيقاظ جذوة هذه الفتنة النائمة، فسيدخل ذلك الشخص في حلقة مفرغة من الشهوة والرغبة ومن ثم الأداء (العادة السرية)، فيثبت الإحساس بالسعادة والنشوة في نفس هذا الشخص، وتعاد الكرة مراراً؛ حتى يدمن الشخص هذا الإحساس بالنشوة، ومن ثم يبدأ السعي له؛ وإن تعارض ذلك مع ما هو صحيح أو ما هو صحي؛ فآنذاك لا يدرك الشخص إلا متعته التي لا يستطيع أن يسلوها، ثم بعد الأداء الفعلي تذهب السكرة وتأتي الفكرة؛ فلا يفكّر الشخص وقتها في كيفية التصدي للرغبة بإيقاف التصرفات "اللاإرادية" المؤدية لها، مثل قراءة الموضوعات ذات المضامين الجنسية، أو التحدث مع الأصدقاء والرفاق في الأمور الجنسية، أو مشاهدة المواقع الجنسية، أو حتى التخيلات الجنسية، وكل ذلك إنما هو من صميم التصرفات التي يقوم بها الإنسان بكامل إرادته، وبالتالي فهو يمكنه أن يوقفها إذا توافرت لديه الإرادة الصلبة والإصرار على ذلك..
فإذا حدث ذلك عند الرجال، ظل لديهم فقط مقدار ضئيل من الرغبة الفسيولوجية بسبب اختلاف تركيبة الدورة الدموية لديهم؛ لاحتوائها على مقدار يصل إلى عشرين ضعف تلك الكمية الموجودة لدى المرأة، أما إذا قامت امرأة بذلك فإن ما يظل لديها -هذا إذا ظل شيء أصلا- مقدار لا يكاد يُذكر، وبالتالي فإن سبب بعض الرغبة تكون رغبة أيضا لا تُذكر يسهل التغلب عليها ولو بالانشغال بشيء بسيط.
أما إذا ظل الشخص يردد ولو مع نفسه أنه مضطر لما يفعل بسبب تمكن الرغبة منه لفرط احتياجه؛ فإن ذلك يعزز برمجة لديه في ذهنه مضمونها أن يستمر فيما يفعل بلا رابط ولا ضابط.
وجل ما أقوله هنا لكِ ولكل من تمارس تلك العادة أن الرغبة الجنسية ليست احتياجات بالشكل القاسي؛ فإذا توقفت عن تغذيتها فهي كالثمرة التي ستذبل وتصغر وتضمر شيئاً فشيئاً، أما إذا استمررت تسقينها وتزوّدينها بالفيتامينات والمغذيات الأخرى؛ فكيف لها أن تذبل؟! ومن أين لنا بشيء يخمدها؟
وكذلك لا يوجد في الحياة بأسرها هدف يتم الوصول إليه بالضغط على زر أو بأخذ حبة دواء، وإلا ما كان لمجاهدة النفس هذه المكانة، وهذا الكم من الثواب.
"مارست العادة السرية لمدة عشر سنوات فأنا أمارسها منذ بلغت 15 عاما تقريبا، وأرغب في التوقف عنها؛ لأنني اقترب موعد زفافي، وكذلك أشعر في كثير من الأحيان بحرقان شديد في المهبل، وإفرازات ذات رائحة كريهة، بالإضافة إلى الحكّة طوال الوقت، وأخجل من مصارحة والدتي بما أشعر به؛ خوفا من أن تعرف.. فهل العادة السرية هي السبب؟ وهل سيتسبب ذلك في عدم قدرتي على الإنجاب؟ أفيدوني".
في البداية يجب أن تعرفي أنه لأن العادة السرية تجرى دون فراش (مع زوج) فهي تحتاج إلى خيالات معينة تجعلك تعيشين على خيالات استمتاع، وعند الزواج يختلف الوضع وقالب الإمتاع، فتكتفي بالعادة السرية، وتقوم بالعلاقة معه على أنها واجب، ولكن أين استمتاع الزواج وهي بتضيع حقها؟!؛ فهي بذلك وكما ذكرنا تكتسب المتعة اللحظية يعقبها تراكم ضمير تعبان والتهابات مزمنة في الأعضاء التناسلية الخارجية ينتج عنه تقرحات وآلام شديدة ونزيف في بعض الأوقات؛ لأن الجلد رقيق ونسيجه غير مجهز لتدليكه بأجزاء الجسد نفسه أثناء العادة السرية.
وكذلك يجب أن تعرف كل فتاة تفرط في ممارسة العادة السرية لملأ الفراغ أن استخدام العادة السرية بطريقة مفرطة قد يسبب احتقانات بالجهاز التناسلي للرجل أو للمرأة، وكذلك مع عملية الاحتكاك قد يلهب أو يجرح الغشاء المبطن للشفرين، ويساعد على دخول ميكروبات بكتيرية أو فطريات أو هديبات التريكوموناس triechomonos virginals وهذه البكتريا أو الفطريات أو الهديبات تسبب إفرازات متكررة وحكة أو التهابات بالمثانة ومجرى البول، وتحتاج علاجا بمضادات خاصة للفطريات أو البكتريا والهديبات، وذلك بعد مراجعة إحدى الطبيبات المختصات بأمراض النساء، ولا داعي للخجل حيث إن بقاء هذه الأعراض التي لديك دون علاج قد يؤدي إلى مضاعفات شديدة أنت قطعاً في غنى عنها، أما إذا عولجت من هذه الأعراض البسيطة، ستبقى الحالة بسيطة وستنعدم مع العلاج، وستعودين إلى كامل صحتك وعافيتك دون منغّصات بإذن الله تعالى، ووقتذاك لن يكون هناك داعٍ أبداً للقلق على مستقبلك كزوجة أو على خصوبتك أو قدرتك على الإنجاب، فلهذا خلق الله الطب وسخّر الأطباء؛ لنفعك ونفع كل من يشكو أو يُبتلى في بدنه أو في صحته وعافيته..
فلا تتردي يا صديقتي، وصارحي والدتك بالأعراض التي تشعرين بها، وليس ضرورياً إخبارها بمسألة العادة السرية؛ إذ إن الكثير من الفتيات يقمن بالشكوى من نفس هذه الأعراض بسبب الجوّ الحار أو كثرة العَرَق في المنطقة التناسلية أو الملابس الداخلية المصنوعة من ألياف صناعية، ولكن توجّهي مع والدتك إلى طبيب متخصص أو طبيبة، حتى ييسر الله لك العلاج الصحيح الشافي..
أما عن رغبتك في الابتعاد عن ممارسة العادة السرية فيا عزيزتي هناك مثل إنجليزي يقول: "إن كل خطوة تؤدي للتي تليها" والطريق العملي لهذا الصبر وهذا الجهاد هو ممارسة الرياضة بانتظام، ومن المستحسن عند الشباب أمثالكم أن تكون رياضة منهكة مثل الجري, أو على أقل تقدير, فلتنتظمي في الذهاب إلى إحدى صالات اللياقة البدنية؛ لإخراج ما في جسمك من طاقة، وإن فعلت ذلك فلن يتوفر لك الوقت والمجهود الدافعين لك لفعل ما يغضب الله، وحذار يا فتاتي العزيزة من الفراغ؛ فهو المارد القاتل المدمّر لكل شيء ولأي شيء، فاسعي جاهدة لملء وقت فراغك في أي شيء بالأعمال المفيدة أو في إثراء حياتك بالمزيد من العلم أو العمل أو الأعمال الخيرية أو الاجتماعية، أو كل هذه الأشياء مجتمعة.
ومن أدرى أو أعلم منه سبحانه وتعالى بما نستطيع أو لا نستطيع، فانفضي عنك وسوسة الشيطان يا صديقتي، وكوني من المؤمنين الذين أثنى عليهم الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير}. صدق الله العظيم .
كلمة أخيرة:
لا أقول لكل فتاة تمارس تلك العادة وتنتظر الزوج الصالح أن تتوقف بين عشية وضحاها، ولكنني أقول: إن طريق النجاح هو الطريق الصعب، وربما أن الله يؤخر لك الزواج؛ لأنه يريد منك جهاداً أكبر؛ فإذا أقلعت عما تقومين به فربما تجدين وقتذاك الزوج الذي يستحقك وتستحقينه وتجدين لديه السكن النفسي والعاطفي والجنسي إن شاء الله.. ولا ضير في أن تسعي بنفسك أن تجدي هذا الزوج عن طريق بعض النساء الفاضلات الصالحات اللاتي يبتغين بذلك وجه الله تعالى.
تحياتي لكم وانتظرونا في الحلقة القادمة؛ لنتوجه بحديثنا إلى شبابنا الذين راسلونا من أجل حلقة خاصة عن ممارسة الشباب للعادة السرية، ورغبتهم في التوقف عنها