كثير من المشاكل الزوجية تنشأ في العام الأول من الزواج. فمن خلال الارتباط و الانتقال للعيش في بيت مشترك يجد كل من الرجل والمرأة نفسه في مواجهة ظروف جديدة لم يختبرها من قبل ولم يألفها. كما يتعرف على وجوه أخرى لشريك الحياة في ضوء الحياة اليومية الملأى بالتفاصيل و التطلبات والاحتياجات التي لم ينشغلا بها من قبل. باختصار ينتقل كل من الزوجين إلى امتحان اليومي والعادي، وهو امتحان صعب كما يعلم كل من عاش تجربة الزواج.
تتولد ابرز المشاكل من اختلاف شروط حياة العازب أو من اعتاد ان يعيش وحده أو محاطا برعاية أسرته عن شروط الحياة المشتركة. ويمكن أن تتفاقم بعض هذه المشاكل أو تتحول إلى مشاكل فعليه حين لا يكون كل منالطرفين مدركا و مستعدا لعيش هذا التحول في حياته كما يجب. إذ يغلب أن نفكر أن مشاعر الحب و العطف أو الاحترام المتبادل قد تكون وحدها الكفيلة بتذليل الصعوبات و تحقيق التفاهم المرجو في الحياة الزوجية.
ويمكن أن نورد بعضا من المشاكل التي يعيشها الزوجان الشابان و مصادر سوء الفهم في عامهما الأول.
1- الحقوق والواجبات.
يختلف ايقاع الحياة كما تتبدل الأدوار المناطة بكل من الرجل و المرأة. وأهم من ذلك أن كلا منهما يجد نفسه أمام تقسيم جديد للحقوق و الواجبات. و الطريق الافضل لتحقيق قدر أعلى من التفاهم هو في الحوار بين الشريكين، و الاتفاق على دور كل منهما، و مواصلة هذا الحوار في كل مرة يطرأ فيها جديد أو تحول في حياتهما، أو يصادفان فيها مشكلة عارضة. باختصار على الزوجين أن يتفاهما على تقاسم الوظائف و تحديد ذلك فيما بينهما. فقد تبدو كثير من مهام الحياة اليومية أمرا يمكن أن نعتمد على العفوية و التلقائية في حله، ومع هذا فمن الثابت أن هذه اليوميات تحديدا وواجباتها هي أكثر ما يتطلب التنظيم و الوضوح.
2- المزاج الطيب و التفهم.
المعايشة اليومية تعني أن مزاجنا الخاص صار في مواجهة مزاج شخص آخر، نتشارك معه بيتا و مكانا واحدا. يحدث أن يختلف الزوجان على الألوان المناسبة لصالونهم مثلا، أو ألا يتفقا على اللوحات المناسبة لوضعها على الجدران، كما يختلفان في نوع الموسيقى و الأغاني التي يحبان الاستماع اليها أو البرامج التي يودان مشاهدتها. وهذه التفاصيل و كثير مما يماثلها ترتبط بالذوق و المزاج الشخصي لكل منا. وهي أمور يصعب تغييرها. هل من السهل أن تكفي عن محبة اللون الأحمر مثلا لأن زوجك يفضل اللون البني؟.. الحل الأمثل يمكن أن يكون في تفهم هذا النوع من الاختلافات و قبوله على نحو واضح. التعود على التعايش معه. ومحاولة التقريب بين الأذواق. كما يفعل رسام ماهر حين يخلق انسجاما بين لونين يمكن أن يبدوا لوهلة متنافرين.
3- الملل و ضياع جذوة العاطفة.
يتسلل الملل و البرودة إلى الحياة اليومية عادة. و تحمل التفاصيل الكثيرة للحياة الى نوع من الروتين و الكسل. المشكلة الأعم هي حين يقوم أحد الشريكين أو كليهما بتأويل خاطئ لهذا التحول. فيفهمه باعتباره دليلا على غياب الحب أو تبدد العاطفة الأولى التي بدت متقدة و استثنائية. ما يحدث هو أن الحب يبدل مواقعه و ينحل في الحياة و المعايشة. يغير من شكله و يلبس ثوبا آخر. وإن كان من الضروري دائما تجديد الحب بابتكار مناسبات لاستعادة اللحظات الحميمة فإن من المناسب ايضا أن يتعلم الشريكان التعايش مع الحب الذي ينمو و يكبر في شروط جديدة هي شروط بيت الزوجية. هذا البيت الذي يمكن ان يكون قفصا ينسجن فيه كلاهما أو نافذة يتشاركانها لصناعة حياتهما معا.